فرنسا تعلن استعدادها للمساهمة في تأمين توزيع الغذاء في غزة
فرنسا تعلن استعدادها للمساهمة في تأمين توزيع الغذاء في غزة
أعلن وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، السبت، أن بلاده إلى جانب شركائها الأوروبيين، "مستعدة للمساهمة في ضمان توزيع آمن للغذاء" في قطاع غزة، الذي يشهد أزمة إنسانية خانقة نتيجة استمرار الحرب والحصار الإسرائيلي.
وقال بارو، خلال مقابلة مع قناة LCI الفرنسية، إن المبادرة الفرنسية-الأوروبية تهدف إلى "معالجة القلق الإسرائيلي من احتمال نهب المساعدات الإنسانية من قبل جماعات مسلحة"، دون أن يوضح شكل هذه المساهمة أو تفاصيل آليات التنفيذ المقترحة.
وعبّر الوزير الفرنسي عن "غضبه البالغ" تجاه مقتل المدنيين خلال محاولاتهم الحصول على الغذاء، مشيرًا إلى "نحو 500 شخص قتلوا أثناء عمليات توزيع المساعدات خلال الأسابيع الأخيرة"، في واحدة من أكثر المآسي المؤلمة في سياق الحصار المفروض على القطاع منذ السابع من أكتوبر 2023.
وجاءت تصريحات بارو وسط تصاعد موجة الغضب الدولي والانتقادات الموجهة لإسرائيل على خلفية سقوط ضحايا مدنيين خلال عمليات توزيع الغذاء التي تشرف عليها ما تُعرف بـ"مؤسسة غزة الإنسانية"، وهي منظمة حديثة النشأة مدعومة من إسرائيل والولايات المتحدة، وتحوم شكوك حول مصادر تمويلها وآليات عملها.
"غزة الإنسانية" تحت المجهر
تسببت طريقة عمل "مؤسسة غزة الإنسانية"، التي بدأت مهامها في أواخر مايو الماضي، بموجة انتقادات حادة من الأمم المتحدة ومنظمات حقوقية.
وتستخدم المؤسسة متعاقدين مسلحين لحراسة مراكز توزيع المساعدات، مما أدى، وفق وزارة الصحة التابعة لحكومة حماس في غزة، إلى مقتل نحو 550 شخصًا وإصابة أكثر من 4000 آخرين خلال تجمعات كبيرة بحثًا عن الغذاء.
ويقول منتقدون إن هذه الطريقة تحوّل توزيع الإغاثة إلى بيئة عالية الخطورة، يتعرض فيها المدنيون لإطلاق النار، تحت ذريعة حفظ النظام أو مكافحة الفوضى، وسط انهيار كامل في النظام الإنساني داخل القطاع.
البحث عن الطعام
وفي موقف لافت، قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، الجمعة، إن البحث عن الغذاء في غزة "ينبغي ألا يكون بمنزلة حكم بالإعدام"، مؤكداً أن النظام الحالي لتوزيع المساعدات يؤدي إلى مقتل الناس بدلاً من إنقاذهم. وطالب بضرورة إعادة تنظيم الإغاثة وفق قواعد إنسانية تضمن سلامة المدنيين وتحترم كرامتهم.
وكانت إسرائيل قد فرضت حصاراً خانقاً على قطاع غزة منذ مطلع مارس الماضي، شددت خلاله القيود على دخول الغذاء والدواء والوقود، ثم سمحت جزئياً بدخول بعض المساعدات عبر المؤسسة الجديدة، في خطوة عدّها مراقبون محاولة للتحكم السياسي في مسار توزيع المساعدات، بعيداً عن وكالات الأمم المتحدة والمنظمات المستقلة.
وفي ضوء تفاقم الأوضاع في القطاع، تتصاعد الدعوات الدولية لتدويل آلية الإغاثة، وإعادة تمكين وكالات الأمم المتحدة، خاصة برنامج الغذاء العالمي والأونروا والهلال الأحمر الدولي، من تولي مسؤولية توزيع المساعدات وفقًا للقانون الدولي الإنساني.
ويقول خبراء إن استمرار استخدام المؤسسات المرتبطة بالأطراف المتنازعة، أو المدعومة عسكرياً، يقوّض حيادية العمل الإنساني ويعرض حياة المدنيين للخطر، خاصة في المناطق الأكثر تضرراً مثل شمال غزة، حيث تنتشر المجاعة، وتنهار البنية التحتية الصحية والاجتماعية بشكل كامل.
توفير ممرات آمنة
في هذا السياق، تسعى فرنسا، بدعم أوروبي، إلى تفعيل دور جديد في الساحة الإنسانية الفلسطينية، عبر مبادرة تستند إلى القوانين الدولية، وترمي إلى "توفير ممرات آمنة وتوزيع منصف وخالٍ من التدخلات العسكرية للمواد الغذائية"، كما قال بارو، مشيراً إلى استمرار المشاورات مع شركاء إقليميين ودوليين بهذا الخصوص.
ورغم أن إسرائيل خفّفت من حدة الحصار أواخر مايو الماضي، إلا أن الكميات المسموح بدخولها إلى غزة تظل محدودة للغاية وغير كافية لتلبية الحاجات المتفاقمة، وفق تقارير الأمم المتحدة، التي حذّرت مراراً من أن نحو مليون شخص في غزة يعانون الجوع الحاد، وأكثر من نصفهم مهددون بالموت جوعاً خلال الأسابيع المقبلة.
ويأتي التصعيد الإنساني في وقت تستمر فيه العمليات العسكرية الإسرائيلية بشكل متقطع، وسط غياب أي أفق واضح لوقف دائم لإطلاق النار، ما يجعل جهود الإغاثة رهينة للتطورات الميدانية والتجاذبات السياسية بين إسرائيل وحركة حماس من جهة، وبين الأطراف الدولية من جهة أخرى.